قدم الدكتور" محمد أحمد سليمان" ،
في كتابه: "أصول الطب الشرعي" بياناً تقريبياً عن درجة التحلل ،
في الجثث المدفونة في أكفان من القماش ،تحت الأرض، في قبور مليئة بالهواء
وهى::
.. ( طريقة الدفن المعتادة عند المسلمين ) ..
على النحو الآتي:
- بعد مضي 24-36 ساعة علي الوفاة تظهر بقع خضراء
في جدار البطن، مقابل الأعور ، أو حول السرة . كما يظهر
كثير من الأوعية الدموية المتشعبة في جلد البطن
والصدر، وتسيل مقلة العين ، وتتعتم القرنية ~
- بعد يومين إلى خمسة أيام يظهر الزبد المدمى من الفم
والأنف، وينتفخ البطن والصفن ، وينتشر اللون الأخضر
في كل جلد البطن والصدر , وتظهر النفطات الغازية ، تحت
الجلد. وينتفخ الوجه والجسم كله بالغازات المتجمعة تحت
الجلد، وتبرز العينان، واللسان، وتختفي ملامح الوجه ،
وتنبعث من الجثة رائحة كريهة ، من الغازات المتصاعدة "
-بعد خمسة أيام إلى عشرة تسيل مقلة العين ، ويتساقط
الجلد الأخضر الهش ، كما تتساقط الأظافر ، والشعر ،
وتظهر اليرقات الدودية المتعددة ، وبخاصة حول الفم
والأنف ، وأعضاء التناسل ، ثم بعد ذلك تنحل الأنسجة ،
وتسيل في التراب تدريجياً ، حتى تبقى العظام وحدها ، بعد
حوالي ستة أشهر إلى سنة ~
والهيكل العظمي يتلاشى بدوره ، ويعود إلى مكوناته الأساسية ،
مع مرور الزمن ، إلا جزء اً صغيراً منه، اسمه عجب الذنب ذكره
لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أكثر من حديث شريف
قبل اكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان ، حيث قال :
"إن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً ، منه يرَكب الخلق يوم القيامة "
قالوا أي عظم هو یا رسول الله؟ قال عجب الذنب "
وقد حاول العلماء شرقاً وغرباً صهر هذا الجزء ، من عظم الإنسان ،
أو إذابته بالأحماض القوية ، أو تكسيره , فلم يستطيعوا ~
سبحاان الله !!!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم –
فهو كما وصفه ربه :
" وَمَا ينطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يوحَى "
بعد الوفاة مباشرة يبدأ التفسخ البسيط ، فتظهر رائحة خفيفة ، لا
يدركها الإنسان ولكنها جاذبة للحشرات , وخاصة إناث الذباب ~
فتسرع لتضع بيوضها الصغيرة ، دون أن يراها الإنسان في الفتحات
الطبيعية ، التي يمكن أن تصل إليها كالمنخرين والفم وزاوية العين
وطيات الجلد في الرقبة ، وأحياناً المناطق التناسلية !! تضع آلاف
البيوض الصغيرة ، ثم لا تلبث أن تفقس " وتظهر يرقات صغيرة
عديدة بيضاء ، لا يتعدى طول الواحدة مليمتر اً واحداً ،
ثم تتغذى على خلايا الجثة لتصبح حشرات بالغة ,
طول الواحدة سنتمتر اً واحداً ، ثم تضع بيوضاً جديدة ~
وهكذا !!!، أجيال عديدة من اليرقات والديدان ، بحيث أنك في
لحظة ما ، لا ترى إلا كومةً من الديدان تُغطي الجثة ، وتتراكم فوقها ،
بل فوق بعضها ، لتتلاشى هي والميكروبات ، التي فسخت الجثة من
داخلها "
والغريب أن هذه اليرقات والميكروبات ، التي كانت بالمليارات
على الجثة وبداخلها ، تتلاشى وتختفي كلياً بعد تحلل الجثة
وتفسخها ,,
لأنها يأكل بعضها بعضاً ، ومن يبقى أخيراً منها يموت من قلة الطعام ،
فيتحلل بفعل أنزيمات خاصة ، موجودة داخل خلاياها ..
فسبحان من خلقها وهداها لوظيفتها ، وسبحان من قهر الكبير
والصغير من مخلوقاته بالموت والفناء
هذه هي القاعدة الخالدة ، والسنة الربانية في هذه الحياة التي
تحكم جميع المخلوقات، وخاصة أكرمها وهم البشر، فكل إنسان
مهما كانت حياته منعمة ، ومهما قدمت له من عيش رغيد ، وفرص
الراحة والصحة والعناية ، إلا أن الموت آيه لا محالة "
" كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَينَا تُرْجَعونَ"
وقد تعارف الناس على تسمية القبر ببيت الدود ، وهي تسمية
قديمة وصحيحة ، قديمة لأن الناس في السابق ، لم يكونوا يعرفون
الميكروبات المجهرية ، لأنها لم تكن قد اكتشفت بعد ..
بل كانوا يذكرون ما كانوا يرونه رأي العين ، وهي الديدان
واليرقات الصغيرة سالفة الذكر ،
وهي تنمو وتتكاثر وتنهش جسد الميت ، حتى يتلاشى في قبره !!!
سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم ..
_____________________________________________________________-